عبدالاله
عدد الرسائل : 241 العمر : 39 المزاج : فايق ورايق تاريخ التسجيل : 23/12/2008
| موضوع: متى نصر الله؟ الأربعاء 14 يناير 2009 - 18:48 | |
| متى نصر الله؟
السؤال : متى نصر الله ؟ وما هي أسبابه ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
نصر الله للمسلمين على أعدائهم من الكفار المحاربين لهم وعدُ حقٍّ ، وقولُ صدقٍ ، وقد وعد الله تعالى به المؤمنين ، وأخبرهم أنه قريب ، وإنما يؤخره تعالى لحكَم جليلة ، ومن كان قوي الإيمان ، صادق اليقين فسيعلم أن ذلك يكون قريباً كما أخبر به الرب تعالى . قال الله تعالى : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) البقرة/ 214 . قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله :
" فمعنى الكلام : أم حسبتم أنكم أيها المؤمنون بالله ورسله تدخلون الجنة ولم يصبكم مثلُ ما أصاب مَن قبلكم مِن أتباع الأنبياء والرسل من الشدائد والمحن والاختبار ، فتُبتلوا بما ابتُلوا واختبروا به من " البأساء " ، وهو شدة الحاجة والفاقة ، " والضراء " ، وهي العلل والأوصاب ، ولم تزلزلوا زلزالهم ، يعني : ولم يصبهم من أعدائهم من الخوف والرعب شدة وجهدٌ ، حتى يستبطئ القومُ نصرَ الله إياهم ، فيقولون : متى الله ناصرنا ؟ ثم أخبرهم الله أن نصره منهم قريبٌ ، وأنه مُعليهم على عدوِّهم ، ومظهرهم عليه ، فنجَّز لهم ما وعدهم ، وأعلى كلمتهم ، وأطفأ نار حرب الذين كفروا " انتهى . "تفسير الطبري" (4/288) .
وذكر الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – بعض الفوائد المستقاة من الآية – : " ومنها :
1. أنه ينبغي للإنسان ألا يسأل النصر إلا من القادر عليه ، وهو الله عزّ وجلّ ؛ لقوله تعالى : ( متى نصر الله ) .
2- أن المؤمنين بالرسل منهاجهم منهاج الرسل ، يقولون ما قالوا ؛ لقوله تعالى : ( حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ) ، يتفقون على هذه الكلمة استعجالاً للنصر .
3. تمام قدرة الله عزّ وجلّ ؛ لقوله تعالى : ( ألا إن نصر الله قريب ) .
4. حكمة الله حيث يمنع النصر لفترة معينة من الزمن ، مع أنه قريب .
5. أن الصبر على البلاء في ذات الله عزّ وجلّ من أسباب دخول الجنة ؛ لأن معنى الآية : اصبروا حتى تدخلوا الجنة .
6. تبشير المؤمنين بالنصر ليتقووا على الاستمرار في الجهاد ترقباً للنصر المبشرين به " انتهى .
"تفسير سورة البقرة" (3/42) .
ثانياً :
نصر الله تعالى القريب ليس لكل من ادعى الإيمان ، وزعم الإسلام ، إنما هو لمن حقق الإيمان بقلبه ، وعمل بالإسلام بجوارحه .
قال تعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي
شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ . وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) النور/55 ، 56 .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" هذا وعدٌ من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض ، أي : أئمةَ الناس ، والولاةَ عليهم ، وبهم تصلح البلاد ، وتخضع لهم العباد ، ولَيُبدلَنّ بعد خوفهم من الناس أمناً وحكماً فيهم ، وقد فعل تبارك وتعالى ذلك ، وله الحمد والمنَّة ، فإنه لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله عليه مكة ، وخيبر ، والبحرين ، وسائر جزيرة العرب ، وأرض اليمن بكمالها ، وأخذ الجزية من مَجُوس هَجَر ، ومن بعض أطراف الشام ، وهاداه هرقل ملك الروم ، وصاحب مصر والإسكندرية - وهو المقوقس - ، وملوك عُمان ، والنجاشي ملك الحبشة ، الذي تَملَّك بعد أصْحَمة ، رحمه الله وأكرمه . ثم لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم واختار الله له ما عنده من الكرامة : قام بالأمر بعده خليفته أبو بكر الصديق " انتهى . "تفسير ابن كثير" (6/77) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : " هذا من أوعاده الصادقة ، التي شوهد تأويلها ومخبرها ، فإنه وعدَ من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة أن يستخلفهم في الأرض ، يكونون هم الخلفاء فيها ، المتصرفين في تدبيرها ، وأنه يمكِّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ، وهو دين الإسلام ، الذي فاق الأديان كلها ، ارتضاه لهذه الأمة ، لفضلها وشرفها ونعمته عليها ، بأن يتمكنوا من إقامته ، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة ، في أنفسهم ، وفي غيرهم ، لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين ، وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه ، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار ، وكون جماعة المسلمين قليلين جدّاً بالنسبة إلى غيرهم ، وقد رماهم أهل الأرض عن قوس واحدة ، وبغوا لهم الغوائل . فوعدهم الله هذه الأمور وقت نزول الآية ، وهي لم تشاهد الاستخلاف في الأرض والتمكين فيها ، والتمكين من إقامة الدين الإسلامي ، والأمن التام ، بحيث يعبدون الله ، ولا يشركون به شيئاً ، ولا يخافون أحداً إلا الله ، فقام صدر هذه الأمة من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم ، فمكَّنهم من البلاد والعباد ، وفتحت مشارق الأرض ومغاربها ، وحصل الأمن التام والتمكين التام ، فهذا من آيات الله العجيبة الباهرة ، ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة ، مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح : فلا بد أن يوجد ما وعدهم الله ، وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقين ، ويديلهم في بعض الأحيان : بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح " | |
|